الصفحات

الأحد، 9 أغسطس 2009

الرد على شبهة سورة النساء الآية 54

بسم الله الرحمن الرحيم 
.
.
قال المستشرقين أعداء الله ورسوله :- علامَ يحسدون محمداً؟

“أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ; (آية 54).

قال ابن عباس: قال أهل الكتاب: زعم محمد أنه أُوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة، وليس همُّه إلا النكاح، فأي مَلِك أفضل من هذا؟ فقال محمد: أم يحسدون الناس (أسباب النزول للواحدي سبب نزول النساء 4: 54). فقولهم لم يكن حسداً بل كان مجرد انتقاد، فإنهم رأوا أن صفات الأنبياء الصادقين غير منطبقةعلى صفاته، فردَّ عليهم موافقاً على ما قالوه فيه، مدَّعياً أن كثرة النساء من فضل الله
.. انتهت الشبهة .
.
الرد على هذه الشبهة:-
.
الحسد هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ربنا قد اصطفاه واختاره للرسالة،

ولذلك قال بعض منهم:
{ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }
[الزخرف: 31].

إذن فالقرآن مقبول في نظرهم، لكن الذي يحزنهم أنه نزل على محمد، وهذا من تغفيلهم، وهو مثل تغفيل من قالوا:
{ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ }
[الأنفال: 32].

لقد تمنوا الموت والقتل رميا بالحجارة من السماء ولم يتمنوا اتباع الحق، وهذا قمة التغفيل الدال على أنها عصبية مجنونة، ولذلك يقول الحق:
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ }
[الزخرف: 32].

وسبحانه يؤكد لنا أنه يختص برحمته من يشاء، فلماذا الحسد إذن؟ إنهم يحسدون الناس أن جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولو أنهم استقبلوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم استقبالاً عادلاً بعين الإنصاف لوجدوا أن كل ما جاء به هو كلام جميل. من يتبعه تتجمل به حياته. وكان مقتضي من آتاهم الله من فضله علماً من الكتاب أن يبشروا برسول الله صلى الله عليه وسلم كما دعاهم إلى ذلك نزل عليهم في كتابهم وأن يكونوا أول المصدقين به، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، بل كذبوا وصدوا عن سبيله وَفَضَّلوا عليه الكافرين الوثنيين. فقالوا إنهم أهدى من محمد سبيلاً.
.
على الرغم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي كرم المسيح وامه ودافع عنهم وبرئهم من كل الأتهامات المنسوبة إليهم  وعلى الرغم أن اليهود أساءوا للمسيح وأمه إلا أن الحرب المعلنة من الكنيسة والمستشرقين ضد الإسلام حرب لا تهدأ البتة وهذا يؤكد أنهم يحسدون المسلمين على النعمة التي اكرمهم الله بها وهي الرسول صلى الله عليه وسلم وإلا فلماذا لا تعلن الكنيسة الحرب على اليهود الذي سبوا المسيح وأمه ، أو أعلنوا الحرب على البوذية أو عبدة النار والأفاعي ؟ .
.
لكن بابا الفاتيكان أعلن بأن المسيحي يعبد نفس الإله الذي يعبده عبدة النار والأفاعي وأن بوذا قديس .... ففي عام 1981 أعلن البابا نفسه في طوكيو أمام حشد من الشينتويين والبوذيين (ديانتا اليابان) حكمة أسلافهم التي أوحت بأن يروا الحضور الإلهي في كل إنسان! وأضاف أنني كنائب للمسيح أعلن سروري أن الله وزع تلك العطايا الدينية بينكم! وفي توجو عام 1985 أعلن نفس البابا أنه صلي لأول مرة في حياته مع الحيوانات!( حمار كان أو كلب ) .. وفي عام 1986 عقد في إيطاليا اجتماعاً مشتركاً للصلاة ضم تشكيلة من الديانات المختلفة في العالم بما فيها عابدي النار وعابدي الأفاعي ! وأعلن البابا في هذا الاجتماع أننا جميعاً نصلي لنفس الإله!! وفي هذا المناسبة سمح البابا لصديقه الدالاي لاما أن يضع بوذا بدلاً من الصليب فوق المذبح في كنيسة القديس بطرس وأن يقوم هو والرهبان البوذيون المرافقين له بأداء شعائر عبادتهم في الكنيسة!!.. وفي عام 1990 خصصت واحدة من المجلات الكاثوليكية في العالم عدداً لها عن البوذية، وتضمنت مديحاً من البابا لهذه الديانة، وفي إحدى مقالات هذا العدد كُرِم بوذا باعتباره أحد القديسين!!.
.


.
.
فالحسد - كما عرفنا - هو: أن يتمنى إنسان زوال نعمة غيره، هذا التمني معناه أنك تكره أن تكون عند غيرك نعمة، ولا تكره أن يكون عند غيرك نعمة إلا إذا كنت متمرداً على من يعطي النعم.
.
إذن فهؤلاء القوم عندما جاء رسول الله مصدقاً بما عندهم من بشارة بظهوره (الأعراف157،الصف6)، ما الذي منعهم أن يصدقوه؟ لا شك أنهم حسدوه في أن يأخذ هذه النعمة، ونظروا إلى نعمة الرسالة على أنها مزية للرسل، وهل كان ذلك صحيحا؟ حقا إنها مزية للرسل ولكنها مع ذلك عملية شاقة عليهم، والناس في كل الأمم - ما عدا الأنبياء - يورثون أولادهم ما لهم، أما الأنبياء فلا يورثون أولادهم.
.
إنهم لا يأتوا ليأخذوا جاهاً، أو ليستعلوا على الناس، بل كلِّفوا بمتاعب جمة. إذن فأنتم تنظرون إلى السلطة التي أعطاكم الله إياها في مسألة علم الدين. وتجعلونها أداة للترف والرفاهية وللعنجهية والعظمة، وحين يجيء رسول لكي ينفض عنكم ويخلصكم من هذه السيطرة، ماذا تفعلون؟ أنتم تحزنون؛ لأنكم أقمتم لأنفسكم سلطة زمنية ولم تجعلوا أنفسكم في خدمة القيم، وأخذتم عظمة السيطرة فقط، فلما جاء رسول الله يريد أن يزيل عنكم هذه السيطرة قلتم: لا. لن نتبعه. فإذا كنتم تحسدون النبي عليه الصلاة والسلام على الرسالة وجعلتموها مسألة يُدَلِّله الله بها أو أنها تعطية سيطرة، فلماذا الحسد على سيدنا محمد وقد أعطى الله سيدنا إبراهيم الملك، وأعطى لداود الملك، وأعطى لسليمان الملك، وأعطى ليوسف الملك، فلماذا الحسد إذن عندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يكرم الفرع الثاني من إبراهيم وهو إسماعيل عليه السلام؟

لقد كرم الله سبحانه الفرع الأول في إسحاق وجاء من إسحاق يعقوب، ومن يعقوب يوسف، ثم جاء موسى وهارون ثم داود وسليمان، كل هؤلاء قد كرموا، وعندما يكرم سبحانه الفرع الثاني لإبراهيم وهو ذرية إسماعيل ويرسل منهم رسولاً، تحزنون وتقفون هذا الموقف؟

لماذا لا تنظرون إلى أن إسماعيل وفرعه أتى من ذرية إبراهيم، ولماذا اعتبرتم الرسالة والنبوة نعمة مدللة، ولم تنتبهوا إلى أنها عملية قاسية على الرسول؟ لأن عليه أن يكون النموذج التطبيقي على نفسه وعلى آله، ولا أحد من أهله يتمتع بذلك بل العكس؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إنا معشر الأنبياء لا نورث ". 

ويَحْرِم صلى الله عليه وسلم آل بيته من الزكاة. ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ".
.
وهكذا نرى أنه لم يكن يعمل لنفسه ولا لأولاده.

ويتابع الحق: { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } و " الكتاب " هو المنهج الذي ينزل من السماء، و " الحكمة " هي الكلام الذي يقوله الرسول مفسراً به منهج الله، ومع ذلك آتاهم الله الملك أيضاً. فسيدنا يوسف صار أميناً على خزائن الأرض، وأصبح عزيز مصر، وسيدنا داود، وسيدنا سليمان آتاهما الله الملك مع النبوة. إذن ففيه نبوة وفيه ملك، ومحمد صلى الله عليه وسلم أعطاه ربنا النبوة ولم يعطه الملك فما وجه الحسد منكم له؟!. ثم ماذا كان موقفكم من أنبيائكم الذين أعطاهم الله النبوة والملك؟ يجيب الحق: { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً }.
.
الإمام/ محمد متولي الشعراوي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق